الرثاء رحلة عبر مشاعر الحزن والفقد يُعدّ الرثاء أحد أقدم الفنون الأدبية وأكثرها تعبيراً عن مشاعر الإنسان العميقة، فهو ينبع من ينابيع الحزن والألم على فقد عزيز، ويُشكّل رحلةً عبر المشاعر الإنسانية المُتضاربة من حزن وألم وتذكر وفراق. المشاعر المُتضاربة في الرثاء: يتأرجح الرثاء بين مشاعر الحزن والألم على الفقد، والفخر والاعتزاز بمناقب الفقيد، والرغبة في تخليد ذكراه.
أدوات التعبير في الرثاء:
يُعبّر الرّاثي عن مشاعره من خلال أدواتٍ أدبيةٍ مُتنوّعة، مثل:
الوصف: لوصف صفات الفقيد ومناقبه.
التشبيه: للتعبير عن مشاعر الحزن والفقد.
الاستعارة: لخلق صورٍ شعريةٍ تعكس مشاعر الرّاثي.
الاستشهاد: بآياتٍ قرآنيةٍ أو أحاديث نبويةٍ تُخفّف من وطأة الحزن.
أمثلة من الأدب العربي:
يُعدّ الرثاء من أغنى الفنون الأدبية في التراث العربي، ومن أشهر قصائد الرثاء:
مرثية المتنبي لأبي فراس الحمداني:
أَلاَ لَيْتَ شَعْرِي بِمَا أَنْتَ صَانِعُ
وَأَيْنَ مَحَلُّكَ مِنْ أَرْضٍ وَسَاكِنِ
وَأَيْنَ الْمَوَاقِفُ الَّتِي كُنْتَ تَرْتَادُ
وَأَيْنَ الْحُلُولُ وَالْمَسْرَحُ الْمَوَاسِنُ
مرثية كعب بن زهير في رثاء أخيه:
قَفَتْ مِنْكَ الْمَطِيُّ بِمَحْجَرٍ
فَقُلْ لِعَبْدِ الْعَزَى أَقْصِرْ مَسَارَكَ
10 سمات لشعر الرثاء
يتميز شعر الرثاء بسماتٍ تُميّزه عن غيره من أغراض الشعر، ومن أهمّ هذه السمات:
1. التعبير عن مشاعر الحزن والألم:
يُعدّ التعبير عن مشاعر الحزن والألم على فقدان عزيزٍ من أهمّ سمات شعر الرثاء. ويُعبّر الرّاثي عن هذه المشاعر من خلال استخدام ألفاظٍ تدلّ على الحزن والأسى، مثل: البكاء، والنوح، والنحيب، والرّثاء، والجزع، والفقد، واللوعة، والحسرة.
2. مدح الفقيد:
يُعدّ مدح الفقيد من أهمّ سمات شعر الرثاء، حيث يُثني الرّاثي على مناقب الفقيد وخصاله الحميدة، ويُبرز صفاته الإيجابية، مثل: الكرم، والشجاعة، والعفة، والكرم، والذكاء، والعلم، والتقوى.
3. وصف معالم الحزن:
يُصف الرّاثي معالم الحزن في بيئة الفقيد، مثل: تغيّر المكان، وبوار الدار، ووحشة المكان، وغياب مظاهر البهجة.
4. استخدام الصور الشعرية:
يستخدم الرّاثي الصور الشعرية للتعبير عن مشاعره، مثل: التشبيه، والاستعارة، والكناية، والمجاز.
5. التذكّر:
يُكثر الرّاثي من التذكّر في شعره، حيث يتذكر مواقف جميلة جمعته مع الفقيد، ويتذكر صفاته الحميدة، ويتذكر الأماكن التي جمعتهما.
6. التأثر:
يُؤثّر شعر الرثاء في القارئ أو المستمع، ويُثير مشاعره، ويُشعره بالحزن والأسى. يُنهي الرّاثي قصيدته بالدعاء للفقيد بالرحمة والمغفرة، والدعاء للمصابين بالصبر والسلوان.
8. الالتزام بالقافية والوزن:
يُلتزم الرّاثي بقواعد الشعر العربي من حيث القافية والوزن، ويستخدم البحور الشعرية المختلفة.
9. تنوع الأغراض:
يُمكن أن يتنوع شعر الرثاء من حيث الأغراض، مثل: الرثاء الوطني، ورثاء الأحبة، ورثاء الأصدقاء، ورثاء الأبطال.
10. تنوع الأساليب:
يُمكن أن يتنوع أسلوب شعر الرثاء بين الرفق واللين، وبين الشدة والقوة، وبين الفخر والاعتزاز، وبين الحزن والألم.
اجمل شعر رثاء حزين
مرثية المتنبي لأبي فراس الحمداني:
أَلاَ لَيْتَ شَعْرِي بِمَا أَنْتَ صَانِعُ
وَأَيْنَ مَحَلُّكَ مِنْ أَرْضٍ وَسَاكِنِ
وَأَيْنَ الْمَوَاقِفُ الَّتِي كُنْتَ تَرْتَادُ
وَأَيْنَ الْحُلُولُ وَالْمَسْرَحُ الْمَوَاسِنُ
مرثية كعب بن زهير في رثاء أخيه:
قَفَتْ مِنْكَ الْمَطِيُّ بِمَحْجَرٍ
فَقُلْ لِعَبْدِ الْعَزَى أَقْصِرْ مَسَارَكَ
أنواع الرثاء
أنواع الرثاء:
يُقسم الرثاء إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
1. الرثاء الفردي (الشخصي):
وهو أصدق أنواع الرثاء وأكثرها تعبيراً عن مشاعر الحزن والألم، وهو ينبع من صميم القلب ويُعبّر عن مشاعر الرّاثي تجاه الفقيد بشكلٍ مباشر.
2. الرثاء الاجتماعي:
وهو رثاءٌ يُقال في رثاء شخصٍ له مكانةٌ اجتماعيةٌ مرموقة، مثل: زعيمٍ سياسي، أو زعيمٍ ديني، أو قائدٍ عسكري.
3. الرثاء الوطني:
وهو رثاءٌ يُقال في رثاء الوطن، أو في رثاء شهداء الوطن، أو في رثاء ضحايا الكوارث الطبيعية.
وهناك أنواع أخرى من الرثاء، مثل:
رثاء الأصدقاء:
وهو رثاءٌ يُقال في رثاء صديقٍ عزيز.
رثاء الأحبة:
وهو رثاءٌ يُقال في رثاء حبيبٍ أو حبيبة.
رثاء العلماء:
وهو رثاءٌ يُقال في رثاء عالمٍ أو فقيهٍ.
رثاء الحيوانات:
وهو رثاءٌ يُقال في رثاء حيوانٍ أليفٍ.
ويُمكن أن يُمزج بين هذه الأنواع في قصيدةٍ واحدةٍ.
أمثلة على أنواع الرثاء:
رثاء الفردي:
أَلاَ لَيْتَ شَعْرِي بِمَا أَنْتَ صَانِعُ
وَأَيْنَ مَحَلُّكَ مِنْ أَرْضٍ وَسَاكِنِ
وَأَيْنَ الْمَوَاقِفُ الَّتِي كُنْتَ تَرْتَادُ
وَأَيْنَ الْحُلُولُ وَالْمَسْرَحُ الْمَوَاسِنُ
مرثية المتنبي لأبي فراس الحمداني
رثاء الاجتماعي:
رَحَلَ الْعَلَمُ الْمُفْرَدُ فَاسْتَوْحَشَتْ
مِنْهُ الْمَحَافِلُ وَالْبُرْقُ وَالرَّعْدُ
وَالْبَيْتُ مِنْهُ خَلَوٌ وَالْمَجَالِسُ
وَالْقَلْمُ مِنْهُ أَضْحَى بَعْدَهُ جَمْدًا
مرثية ابن خلدون في رثاء ابن رشيق
رثاء الوطني:
بَلَادِي بَلَادِي لَكِ حُبٌّ وَهَوَى
فَفِيكِ حَيَاتِي وَمَنْكِ الْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ
وَمَنْ جَفَاكِ مُقِيمٌ بِغَيْرِ هُدًى
وَمَنْ هَجَرَاكِ هَجَرَ الْحَيَاةَ وَالدُّنْيا
مرثية محمود سامي البارودي في رثاء مصر
ابيات شعر رثاء
يقول الشاعر :
علي نعشك قصيدة موش تابوت
علي مامات باقي وموتو حروفة
جان سلاحك قلم بس نكلب بارود
لان شاف الوطن محتاج لچفووفة
چف يكتب شعر ابغيرة واحساس
وچف شال الوطن هيهات ميعوفة
يقول الشاعر :
الجنة محــد يطب لولا شهادة علي
معلينه بلي نكـــــرذاك شهادة علي
جرف النصر منتصر لولا شهادة علي
شاعر مجاهد ابي وخلاقه من حسين
وكل عام يرثي بشعر وشعر من حسين
يبدي قصيده بكمر يختمها من حسين
راحل علي لحسين بسم شهادة علي
يقول الشاعر :
عطشتك سالفة حيطان
كون الصده إيهم روحه ،،
ولگيتك بين عيد وعيد
وانه اعيوني مرجوحه ،،
غبش بيك الضوه ابكيفه ،،
تخرب سهرة الناطور
لو سألوه عن طيفه ،،
يعلاوي الهوه ايريدك
تعنيتك صريفة آخ
لگيتك ضحكة امعزب ،،
ومن طفتك ضريح اعزاز
لگيتك حاجه لليندب ،،
يقول الشاعر :
اليوم جمعه ……..وكل جرح متوضي بيه
اليوم دمعه ……..وكل رمش يشبك اخيه
اليوم ثار وكل شهيد ايريد ديه.
اليوم ((علاوي)) المنصه. ..
خشبه طكت من ضلعهه ومستهامه.
اليوم كل شاعر عراقي
ناح وبقربه حمامه.
وبهذا نكون قد انتهينا من موضوع تعبيرنا عن الرثاء، وقد أظهرنا أهمية الرثاء كأحد أغراض الشعر العربيّ، وذكرنا بعض خصائص الرثاء، وقدمنا بعض الأمثلة من شعر الرثاء.
يُمثّل شعر الرثاء تعبيراً إنسانياً خالصاً عن مشاعر الحزن والفقد، ويُساهم في تخليد ذكرى الفقيد، ويُخفّف من وطأة الألم على المُصابين، الرثاء هو أحد أهمّ أغراض الشعر العربيّ، وهو تعبيرٌ عن مشاعر الحزن والأسى على فقيدٍ عزيز. يجب أن تكون مشاعر الرثاء صادقة وواقعية، وأن تُستخدم فيه لغةٌ جزلة وقوية، وأن يُستخدم فيه التصوير الفنيّ.